سورة الرحمن - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرحمن)


        


{الرحمن} بناء مبالغة من الرحمة، وهو اسم اختص الله تعالى بالاتصاف به، وحكى ابن فورك عن قوم أنهم يجعلون {الرحمن} آية تامة، كأن التقدير: {الرحمن} ربنا، قاله الرماني أو أن التقدير: الله {الرحمن}. وقال الجمهور إنما الآية: {الرحمن علم القرآن} فهو جزء آية.
وقوله: {علم القرآن} تعديد نعمة أي هو من به وعلمه الناس، وخص حفاظه وفهمته بالفضل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». ومن الدليل على أن القرآن غير مخلوق: أن الله تعالى ذكر {القرآن} في كتابه في أربعة وخمسين موضعاً ما فيها موضع صرح فيه بلفظ الخلق ولا أشار إليه، وذكر {الإنسان} على الثلث من ذلك في ثمانية عشر موضعاً، كلها نصت على خلقه، وقد اقترن ذكرهما في هذه السورة على هذا النحو، و: {الإنسان} اسم الجنس، حكاه الزهراوي وغيره. و: {البيان} النطق والفهم والإبانة عن ذلك بقول قاله ابن زيد والجمهور، وذلك هو الذي فضل الإنسان من سائر الحيوان، وقال قتادة: هو بيان الحلال والحرام والشرائع، وهذا جزء من {البيان} العام، وقال قتادة: {الإنسان} آدم. وقال ابن كيسان: {الإنسان}: محمد صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا التخصيص لا دليل عليه، وكل المعلومات داخلة في البيان الذي علمه الإنسان، فكأنه قال من ذلك البيان وفيه معتبر كون {الشمس والقمر بحسبان} فحذف هذا كله، ورفع {الشمسُ} بالابتداء، وهذا ابتداء تعديد نعم.
واختلف الناس في قوله: {بحسبان} فقال مكي والزهراوي عن قتادة: هو مصدر كالحساب في المعنى وكالغفران والطغيان في الوزن. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى والضحاك: هو جمع حساب، كشهاب وشهبان، والمعنى أن هذين لهما في طلوعهما وغروبهما وقطعهما البروج وغير ذلك حسابات شتى، وهذا مذهب ابن عباس وأبي مالك وقتادة. وقال ابن زيد لولا الليل والنهار لم يدر أحد كيف يحسب شيئاً، يريد من مقادير الزمان. وقال مجاهد: الحسبان الفلك المستدير، شبه بحسبان الرحى، وهو العود المستدير الذي باستدارته تدور المطحنة.
وقوله: {والنجم والشجر يسجدان} قال ابن عباس والسدي وسفيان: {النجم}. النبات الذي لا ساق له، وسمي نجماً لأنه نجم، أي ظهر وطلع، وهو مناسب للشجر نسبة بينة. وقال مجاهد وقتادة والحسن: {النجم} اسم الجنس من نجوم السماء، والنسبة التي لها من السماء هي التي للشجر من الأرض، لأنها في ظاهرهما. وسمي {الشجر} من اشتجار غصونه وهو تداخلها.
واختلف الناس في هذا السجود، فقال مجاهد: ذلك في النجم بالغروب ونحوه، وفي الشجر بالظل واستدارته، وكذلك في النجم على القول الآخر. وقال مجاهد أيضاً ما معناه: أن السجود في هذا كله تجوز، وهو عبارة عن الخضوع والتذلل، ونحوه قول الشاعر [زيد الخيل]: [الطويل]
ترى الأكم فيها سجداً للحوافر ***
وقال: {يسجدان} وهما جمعان، لأنه راعى اللفظ، إذ هو مفرد اسم للنوع وهذا كقول الشاعر [عمير بن شييم القطامي]: [الوافر]
ألم يحزنك أن حبال قومي *** وقومك قد تباينتا انقطاعا
وقرأ الجمهور: {والسماءَ رفعها} بالنصب عطفاً على الجملة الصغيرة وهي {يسجدان} لأن هذه الجملة من فعل وفاعل وهذه كذلك. وقرأ أبو السمال: {والسماءُ} بالرفع عطفاً على الجملة الكبيرة وهي قوله: {والنجم والشجر يسجدان} لأن هذه الجملة من ابتداء وخبر، والأخرى كذلك.
وفي مصحف ابن مسعود: {وخفض الميزان}. ومعنى: {وضع} أقر وأثبت، و{الميزان}: العدل فيما قال الطبري ومجاهد وأكثر الناس. وقال ابن عباس والحسن وقتادة: إنه الميزان المعروف.
قال القاضي أبو محمد: والميزان المعروف جزء من {الميزان} الذي يعبر به عن العدل. ويظهر عندي أن قوله: {وضع الميزان} يريد به العدل.
وقوله: {ألا تطغوا في الميزان} وقوله: {وأقيموا الوزن} وقوله: {ولا تخسروا الميزان} يريد به الميزان المعروف، وكل ما قيل محتمل سائغ.
وقوله: {ألا تطغوا} نهي عن التعمد الذي هو طغيان بالميزان. وأما ما لا يقدر البشر عليه من التحرير بالميزان فذلك موضوع عن الناس.
وأن لا: هو بتقدير لئلا، أو مفعول من أجله. و: {تطغوا} نصب، ويحتمل أن تكون أن مفسرة، فيكون {تطغوا} جزماً بالنهي، وفي مصحف ابن مسعود: {لا تطغوا في الميزان} بغير أن.
وقرأ جمهور الناس: {ولا تُخسروا} من أخسر، أي نقص وأفسد، وقال بلال بن أبي بردة {تَخسِروا} بفتح التاء وكسر السين من خسر، ويقال خسر وأخسر بمعنى: نقص وأفسد، كجبر وأجبر. وقرأ بلال أيضاً فيما حكى ابن جني: {تَخسَروا}، بفتح التاء والسين من خسِر: بكسر السين.
واختلف الناس في: الأنام فقال ابن عباس فيما روي عنه هم بنو آدم فقط. وقال الحسن بن أبي الحسن: هم الثقلان: الجن والإنس. وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وابن زيد والشعبي: هم الحيوان كله. و{الأكمام} في {النخل} موجودة في الموضعين، فجملة فروع النخلة في أكمام من ليفها، وطلع النخل كمائم الزهر وبه شبه كم الثوب. {والحب ذو العصف} هو البر والشعير وما جرى مجراه من الحب الذي له سنبل وأوراق متشعبة على ساقه وهي العصيفة إذا يبست، ومنه قول علقمة بن عبدة: [البسيط]
تسقى مذانب قد مالت عصيفتها *** حدورها من أتيّ الماء مطموم
قال ابن عباس {العصف} التبن، وتقول العرب: خرجنا نتعصف، أي يستعجلون عصيفة الزرع.
وقرأ ابن عامر وأبو البرهسم: والحبَّ بالنصب عطفاً على {الأرض} {ذا العصف والريحانِ} إلا أن البرهسم خفض النون.
واختلفوا في {الريحان}، فقال ابن عباس ومجاهد والضحاك معناه: الرزق، ومنه قول الشاعر وهو النمر بن تولب: [المتقارب]
سلام الإله وريحانه *** وجنته وسماء درر
وقال الحسن: هو ريحانكم هذا. وقال ابن جبير: هو كل ما قام على ساق، وقال ابن زيد وقتادة: {الريحان} هو كل مشموم طيب الريح من النبات. وفي هذا النوع نعمة عظيمة. ففيه الأزهار والمندل والعقاقير وغير ذلك. وقال الفراء: {العصف} فيما يؤكل، و{الريحان} كل ما لا يؤكل.
وقرأ جمهور الناس: {والحبُّ} بالرفع {ذو العصف والريحان} وهذه قراءة في المعنى كالأولى في الإعراب حسنة الاتساق عطفاً على {فاكهة}. وقرأ حمزة والكسائي وابن محيصن: {والحبَّ} بالرفع {ذو العصف والريحانِ} بخفض {الريحانِ} عطفاً على {العصف}، كأن الحب هما له على أن {العصف} منه الورق. وكل ما يعصف باليد وبالريح فهو رزق البهائم، {والريحان} منه الحب فهو رزق الناس، {والريحان} على هذه القراءة: الرزق: لا يدخل فيه المشموم بتكلف.
{والريحان} هو من ذوات الواو. قال أبو علي: إما أن يكون ريحان اسماً ووضع موضع المصدر، وإما أن يكون مصدراً على وزن فعلان، كالليان وما جرى مجراه أصله: روحان، أبدلت الواو ياء كما بدلوا الواو ياء في أشاوى وإما أن يكون مصدراً شاذاً في المعتل كما شذ كينونة وبينونة، فأصله ريوحان، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، فجاء ريحان، فخفف كما قالوا ميت وميت وهين وهين.
والآلاء: النعم، واحدها إلى مثل معى وألى مثل قفا، حكى هذين أبو عبيدة، وألي مثل أمر وإلي مثل حصن، حكى هذين الزهراوي. والضمير في قوله: {ربكما} للجن والإنس، وساغ ذلك ولم يصرح لهما بذكر على أحد وجهين إما أنهما قد ذكرا في قوله: {للأنام} على ما تقدم من أن المراد به الثقلان، وإما على أن أمرهما مفسر في قوله: {خلق الإنسان} [الرحمن: 14] {وخلق الجان} [الرحمن: 15] فساغ تقديمهما في الضمير اتساعاً. وقال الطبري: يحتمل أن يقال هذا من باب ألقيا في جهنم ويا غلام اضربا عنقه. وقال منذر بن سعيد خوطب من يعقل لأن المخاطبة بالقرآن كله هي للإنس والجن، ويروى أن هذه الآية لما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم سكت أصحابه فقال: «إن جواب الجن خير من سكوتكم، أي لما قرأتها على الجن قالوا: لا، بأيها نكذب يا ربنا».


قال كثير من المفسرين: {الإنسان} آدم. وقال آخرون: أراد اسم الجنس، وساغ ذلك من حيث أبوهم مخلوق من الصلصال.
واختلف الناس في اشتقاق الصلصال، فقال مكي فيما حكى النقاش: هو من صلّ اللحم وغيره إذا نتن، فهي إشارة إلى الحمأة. وقال الطبري وجمهور المفسرين: هو من صلّ إذا صوت، وذلك في الطين لكرمه وجودته، فهي إشارة إلى ما كان من تربة آدم من الطين الحر، وذلك أن الله تعالى خلقه من طيب وخبيث ومختلف اللون، فمرة ذكر في خلقه هذا، ومرة هذا، وكل ما في القرآن في ذلك صفات ترددت على التراب الذي خلق منه. والفخار: الطين الطيب إذا مسه الماء فخر أي ربا وعظم.
و: {الجان} اسم جنس، كالجنة. و: المارج اللهب المضطرب من النار. قال ابن عباس: وهو أحسن النار المختلط من ألوان شتى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر: «كيف بك إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأمانتهم».
وكرر قوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} تأكيداً أو تنبيهاً لنفوس وتحريكاً لها، وهذه طريقة من الفصاحة معروفة، وهي من كتاب الله في مواضع، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كلام العرب وذهب قوم منهم ابن قتيبة وغيره إلى أن هذا التكرار إنما هو لما اختلفت النعم المذكورة كرر التوقيف مع كل واحدة منها، وهذا حسن. قال الحسين بن الفضي: التكرار لطرد الغفلة ولا تأكيد.
وخص ذكر {المشرقين والمغربين} بالتشريف في إضافة الرب إليهما لعظمهما في المخلوقات وأنهما طرفا آية عظيمة وعبرة وهي الشمس وجريها. وحكى النقاش أن {المشرقين} مشرقا الشمس والقمر، {والمغربين} كذلك على ما في ذلك من العبر، وكل متجه، ومتى وقع ذكر المشرق والمغرب فهي إشارة إلى الناحيتين بجملتهما، ومتى وقع ذكر المشارق والمغارب فهي إشارة إلى تفصيل مشرق كل يوم ومغربه، ومتى ذكر المشرقان والمغربان، فهي إشارة إلى نهايتي المشارق والمغارب، لأن ذكر نهايتي الشيء ذكر لجميعه. قال مجاهد: هو مشرق الصيف ومغربه، ومشرق الشتاء ومغربه.


{مرج البحرين} معناه: أرسلهما إرسالاً غير منحاز بعضهما من بعض، ومنه مرجت الدابة، ومنه الأمر المريج، أي المختلط الذي لم يتحصل منه شيء، ومنه من {مارج من نار} [الرحمن: 15].
واختلف الناس في {البحرين} فقال الحسن وقتادة: بحر فارس وبحر الروم. وقال الحسن أيضاً: بحر القلزم واليمن وبحر الشام. وقال ابن عباس وابن جبير: هو بحر في السماء وبحر في الأرض. وقال ابن عباس أيضاً هو مطر السماء سماه بحراً وبحر الأرض. والظاهر عندي أن قوله تعالى: {البحرين} يريد بهما نوعي الماء العذب. والأجاج: أي خلطهما في الأرض وأرسلهما متداخلين في وضعهما في الأرض قريب بعضهما من بعض ولا بغي، والعبرة في هذا التأويل منيرة، وأنشد منذر بن سعيد: [الطويل]
وممزوجة الأمواه لا العذب غالب *** على الملح طيباً لا ولا الملح يعذب
أما قوله: {يلتقيان} فعلى التأولين الأولين معناه: هما معدان للالتقاء، وحقهما أن يلتقيا لولا البرزخ، وعلى القول الثالث روي أنهما يلتقيان كل سنة مرة، فمن ذهب إلى أنه بحر يجتمع في السماء فهو قول ضعيف وإنما يتوجه الالتقاء فيه. وفي القول الرابع بنزول المطر، وفي القول الخامس بالأنهار في البحر وبالعيون قرب البحر. والبرزخ: الحاجز في كل شيء، فهو في بعض هذه الأقوال أجرام الأرض، قاله قتادة. وفي بعضها القدرة والبرزخ أيضاً: المدة التي بين الدنيا والآخرة للموتى، فهي حاجز، وقد قال بعض الناس: إن ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح، بل هو بذاته باق فيه، وهذا يحتاج إلى دليل أو حديث صحيح، وإلا فالعيان لا يقتضيه. وذكر الثعلبي في: {مرج البحرين} ألغازاً وأقوالاً باطنة لا يجب أن يلتفت إلى شيء منها.
واختلف الناس في قوله: {لا يبغيان} فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة معناه: لا يبغي واحد منهما على الآخر. وقال قتادة أيضاً والحسن: {لا يبغيان} على الناس والعمران. وهذان القولان على أن اللفظة من البغي. وقال بعض المتأولين هي من قولك: بغى إذا طلب، فمعناه: {لا يبغيان} حالاً غير حالهما التي خلقا وسخرا لها. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: {اللؤلؤ}: كبار الجوهر {والمرجان}: صغاره. وقال ابن عباس أيضاً ومرة الهمداني عكس هذا، والوصف بالصغر وهو الصواب في {اللؤلؤ}. وقال ابن مسعود وغيره {المرجان}: حجر أحمر، وهذا هو الصواب في {المرجان}. و{اللؤلؤ}: بناء غريب لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة: اللؤلؤ والجؤجؤ والدؤدؤ واليؤيؤ وهو طائر، والبؤبؤ وهو الأصل.
واختلف الناس في قوله: {منهما} فقال أبو الحسن الأخفش في كتابه الحجة، وزعم قوم أنه قد ينفرج {اللؤلؤ والمرجان} من الملح ومن العذب.
قال القاضي أبو محمد: ورد الناس على هذا القول، لأن الحس يخالفه ولا يخرج ذلك إلا من الملح وقد رد الناس على الشاعر في قوله: [الطويل]
فجاء بها ما شيت من لطمية *** على وجهها ماء الفرات يموج
وقال جمهور من المتأولين: إنما يخرج ذلك من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة، فلذلك قال: {منهما} وهذا مشهور عند الغواصين. وقال ابن عباس وعكرمة: إنما تتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر، لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر، فلذلك قال: {منهما} وقال أبو عبيدة ما معناه: إن خروج هذه الأشياء إنما هي من الملح، لكنه قال: {منهما} تجوزاً كما قال الشاعر [عبد الله بن الزبعرى]: [مجزوء الكامل مرفّل]
متقلداً سيفاً ورمحا ***
وكما قال الآخر:
علفتها تبناً وماءً بارداً. ***
فمن حيث هما نوع واحد، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما، وهذا كما قال تعالى: {سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن} [نوح: 15-16]، وإنما هو في إحداهن وهي الدنيا إلى الأرض. قال الرماني: العذب فيهما كاللقاح للملح فهو كما يقال: الولد يخرج من الذكر والأنثى.
وقرأ نافع وأبو عمرو وأهل المدينة: {يُخرَج} بضم الياء وفتح الراء. اللؤلؤُ رفعاً. وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: {يَخرُج} بضم الياء وفتح الراء على بناء الفعل للفاعل، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر. وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي عنه: {يُخرِج} بضم الياء وكسر الراء على إسناده إلى الله تعالى، أي بتمكينه وقدرته، اللؤلؤَ نصباً، ورواها أيضاً عنه بالنون مضمومة وكسر الراء.
و: {الجواري} جمع جارية، وهي السفن. وقرأ الحسن والنخعي بإثبات الياء. وقرأ الجمهور وأبو جعفر وشيبة بحذفها.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: {المنشآت} بفتح الشين أي أنشأها الله والناس. وقرأ حمزة وأبو بكر بخلاف: {المنشِئات} بكسر الشين، أي تنشئ هي السير إقبالاً وإدباراً، والأعلام الجبال وما جرى مجراها من الظراب والآكام. وقال مجاهد: ما له شراع فهو من {المنشآت}، وما لم يرفع له شراع فليس من {المنشآت}
وقوله: {كالأعلام} هو الذي يقتضي هذا الفرق، وأما لفظة {المنشئات} فيعم الكبير والصغير، والضمير في قوله {كل من عليها} للأرض، وكنى عنها، ولم يتقدم لها ذكر لوضوح المعنى كما قال تعالى: {حتى توارت بالحجاب} [ص: 32] إلى غير ذلك من الشواهد، والإشارة بالفناء إلى جميع الموجودات على الأرض من حيوان وغيره، فغلب عبارة من يعقل، فلذلك قال: {من}. والوجه عبارة عن الذات. لأن الجارحة منفية في حق الله تعالى: وهذا كما تقول: هذا وجه القول والأمر، أي حقيقته وذاته.
وقرأ جمهور الناس: {ذو الجلال} على صفة لفظة الوجه. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبيّ: {ذي الجلال} على صفات الرب.

1 | 2 | 3